ما هي صناعة المحتوى؟

وقت القراءة: 7 د


بقلم ريم الناصر @ReemAlnaser28

نشاهد يوميا العديد من المحتويات المكتوبة والمرئية والمسموعة على منصات التواصل الاجتماعي وبمختلف الأهداف التي تكمن خلفها، ونستطيع القول بأنها جزء لا يتجزأ من طبيعة ممارساتنا اليومية، فنحن نقرأ وصف المنتَج قبل شرائه مثلًا، أو نشاهد إعلانا ترويجيا للمسلسل الذي سنشاهده، أو نسمع نغمة معيّنة نسترشد بها علامة تجارية ما.. والكثير من المحتويات التي نصادفها في أيامنا عادةً، سواء أدركنا ماهيّتها أو لم ندركها.

ونظرًا لأهمية المحتوى في تحقيق الأهداف المختلفة، نلحظ تواجده المستمر في كل شيء حولنا، وبالتالي تنعكس هذه الأهمية على المجال نفسه، مجال "صناعة المحتوى".

ما هو مجال صناعة المحتوى؟

إذا أردنا أن نعرّف "صناعة المحتوى" بشكل أدق، فيمكننا التعبير عنه بأنه بناء مكوّنات رقمية بأشكال متعددة ومختلفة، تعرض عادةً على منصات التواصل الاجتماعي لأغراض معينة تخدم أهداف الجهة التي قامت بصناعة هذا المحتوى.

وتختلف نوعيّة هذا المحتوى وفقًا لاختلاف الأهداف، فعلى سبيل المثال لا الحصر؛ قد يكون المحتوى ترفيهيا أو تعليميا أو تثقيفيا أو توعويا، وتبعا للأهداف يتم توظيف هذا المحتوى بمختلف مجالاته، إذ تلجأ كبرى الشركات والمنشآت لصناعة المحتوى المجاني على منصات التواصل المختلفة لأهداف متعددة منها خلق الثقة والارتباط القوي مع عملائها، والمنافسة والتوعية بالعلامة التجارية، الأمر الذي يستدعي أهمية صناعة هذا المحتوى بشكل دقيق، وتوافر الحد العالي من الكفاءة والقدرة والإبداع في "صانع المحتوى" الذي سيقوم بهذه المهمة.

وعلى الرغم من قيام الشركات والمنشآت التجارية بصناعة المحتوى كوسيلة مهمة وأساسية لتحقيق أهدافها، إلا أن الأفراد أيضا يستطيعون القيام بهذه العملية لخدمة أغراض شخصية وعملية تخدم أهدافهم المختلفة وتحقق لهم عوائد مادية ومعنوية مفيدة لهم على الصعيد الشخصي والمهني.

إن صناعة المحتوى لم تعد مقتصرة فقط على المنشآت الكبيرة، ويمكنك كخبيرٍ في مجال ما أن تبدأ في احتراف هذا المجال والاستفادة من نتائجه المذهلة.

من المؤكد أنك قد شاهدت أو استمعت إلى العديد من صُناع المحتوى الملهمين الذين برزوا في مجالاتهم عن طريق مشاركة رحلتهم ومسيرتهم وتجاربهم علنًا، وترى جليّا أهمية صناعة هذا المحتوى ومدى انعكاسه إيجابا على حياتهم.

 

من هو صانع المحتوى؟

يُطلق اسم "صانع المحتوى" على الشخص الذي يقوم بإنشاء المحتويات بمختلف أشكالها المكتوبة والمرئية والمسموعة، بطريقة تلائم الاحتياجات وتخدم الأهداف المنشودة من هذا المحتوى.

وصناعة المحتوى لا تقتصر على تحقيق الأهداف التجارية للشركات والمنشآت، إذ يمكن أن يُنتِج الخبير في مجاله محتوى يخدم أهدافه الشخصية في مشواره العملي والمهني.

إن صناعة المحتوى للأفراد أقرب ما تكون إلى التعليم بالترفيه، أو صناعته للاستمتاع والمرح، أو مشاركة قيمة عمليّة أو مبدأ مجتمعي، إذ يبدأ صُناع المحتوى عادةً بخلق هالة من العطاء الحقيقي غير المحدود، ومساعدة أكبر قدر ممكن من الأشخاص عن طريق المحتوى الذي يلائم اهتماماتهم ويُضفي لهم قيمة أو مهارة أو فكرة أو استمتاع، ويحقّق لصانع المحتوى نفسه أغراضه وأهدافه المنشودة.

هناك العديد من الخبراء في مجال ما، ولكن ليس كل الخبراء صُناع محتوى! لذلك قد يتبادر إلى ذهنك سؤال: ما الهدف من صناعة المحتوى للأفراد؟

 

لماذا أصبح صانع محتوى؟

إنّ الخبير في مجال ما يملك الكثير من المعلومات والتجارب التي قد تفيد المبتدئين في مجاله، أو حتى الخبراء مثله، ولذلك فإن الميزة الأساسية التي تميّز صانع المحتوى عن غيره أنّه يشارك معرفته، ويقوم بإيصالها عن طريق الأدوات والأساليب والطرق والوسائل الكثيرة جدّا والمختلفة، فعلى سبيل المثال لا الحصر قد تكون وسيلة المشاركة هي الفيديوهات أو البودكاست الصوتي أو المقالات المكتوبة أو الملفات متعدّدة الوسائط، والتي يتم تحديدها واختيارها بناءً على أهداف صانع المحتوى من مشاركة هذه الخبرة.

 

كيف أصبح صانع محتوى؟

يمكن تبسيط هذه النقطة عن طريق 4 خطوات:

1- حدّد مجالك: ما هو مجال خبرتك والذي ستشارك فيه عِلمك وتُقدّم أكبر قدر ممكن من المساعدة للأشخاص الآخرين؟ إن تحديد المجال يعتمد بشكل أساسي على مسار عملك أو تخصصك أو وظيفتك، ويمكن أن يكون المجال من واقع خبرتك في أمور بعيدة تماما عن مسارك المهني، مثل اهتماماتك أو هواياتك أو تجاربك المختلفة، ومشاركة رحلتك ضمن هذه الهواية عن طريق صناعة محتوى من نفس مجال الاهتمام وكشف التجارب الخفيّة.

2- وضّح أهدافك: إن المحتوى الذي نشاهده يوميا هو الصورة النهائية لسلسلة من الدراسات والاستراتيجيات التي تخدم أهدافًا محددة، لذلك وقبل أن تهتم بالمُخرَج النهائي، عليك تحديد أهدافك من هذا المُخرَج، لذلك اسأل نفسك هذه الأسئلة: لماذا سأقوم بهذه العملية؟ وما العائد منها؟ وإلى أين سأصل بعدها؟

3- ضع استراتيجيتك: وتعني التخطيط الواسع لعملية صناعتك للمحتوى كفرد، قسّم الخطة الكبيرة إلى خطط صغيرة وقصيرة المدى، وتشمل هذه الخطة جميع التفاصيل التي تخصّ نوعيّة المحتوى والأدوات والمنصات والأوقات والأساليب المستخدمة. ولابد من الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الاستراتيجية تخدم بشكل أساسي أهدافك التي وضعتها في البداية.

4-   نفّذ: تحتوي هذه الخطوة على عمليات متسلسلة بدءًا من التجهيز والإعداد والبحث ثم الكتابة والضّبط ثم الإخراج والتنفيذ الفعلي على أرض الواقع.

 

إن الصورة العامة لصناعة المحتوى للأفراد تُعبر عن "المشاركة" في المرتبة الأولى، لأن هذه المشاركة تخلق أقوى الروابط والعلاقات الوطيدة مع الأشخاص المهتمين في نفس هذا المجال، وبمعنى آخر فإن هؤلاء الأشخاص الذين ينتمون لك ويشعرون بالولاء، هم بمثابة عملاء محتملين بالنسبة لك. ولذلك، يمكننا الحديث عن نوعين من المحتوى:

1-   المحتوى المجاني: يميل عادةً إلى إعطاء قيمة واضحة للآخرين، أو تعليمهم شيئًا ما أو تغيير فكرة في عقولهم تُحسّن من وضعهم وتجعل منهم أشخاصًا أفضل. إن نتائج الاستفادة من المحتوى المجاني لا تظهر على المدى القصير إلا أنها قوية جدّا ومؤثرة، وتخدم المصالح على المدى الطويل، ولا يمكن الاستغناء عنها بأدوات أخرى مدفوعة، فهي تشتري لك الأشياء المعنوية من جمهورك المستهدف، مثل الثقة والولاء والانتماء والتسويق الشفهي.

2-   المحتوى المدفوع: يأتي عادةً تباعًا للنوع الأول (المجاني)، وله استراتيجياته الخاصة والمختلفة عن المحتوى المجاني، ولابد من اختيار الأساليب والأدوات والأوقات والطرق المناسبة للجمهور المستفيد والمستهدف بشكل مباشر من هذا المحتوى.

 

الجدير بالذكر أن أكثر الأفراد نجاحًا في صناعة المحتوى هم أكثرهم جدية والتزامًا، إذ درسوا أدوات صناعة المحتوى وأسراره المختلفة، وتعلّموا كيفية تحويل محتوى منصات التواصل الاجتماعي إلى خادم لمصالحهم وأهدافهم.

يستهلك الجميع منصات التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها لدرجة مهووسة قد تصل للإدمان، والنوع الرائد من صنّاع المحتوى هم من نجحوا في جذب الشريحة التي تناسبهم من هذا الجمهور الضخم، ونجحوا في تحويلهم لعملاء محتملين أو حقيقيين، ولذلك فإن كلمة السر الأولى والأبسط في صناعة المحتوى للأفراد هي الجديّة أولا، ثم الاستمتاع.